غربة الدين:
نعم (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء) قال ابن تيمية رحمه الله: (أعظم ما تكون غربته إذا ارتد الداخلون فيه عنه.. إلى أن قال: فإنه ما ارتد عن الإسلام طائفة إلا أتى الله بقوم يحبهم يجاهدون عنه وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة يبين ذلك أنه ذكر هذا في سياق النهي عن مولاة الكفار فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) إلى قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(، فالمخاطبون بالنهي عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة)
نعم إنها الغربة الغريبة ومن ملامحها ما ورد في الحديث عن أمامة: (وإن من إدبار هذا الدين أن تجفوَ القبيلة كلها بأسرها حتى لا يوجد فيها إلا الرجل الفقيه أو الرجلان فهما مقهوران ذليلان لا يجدان على ذلك أعواناً وأنصاراً) وحينها تنزل رحمة الله الواسعة على أولئك الغرباء فيعوضهم الله في هذه الغربة فضلاً ربانياً وهو مضاعفة الأجور لهم أضعاف أجور بعض الأولين ففي الطبراني الكبير عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إنّ من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيداً منكم) وهؤلاء القلة هم الطائفة المنصورة حيث أنه ورد عند مسلم عن غير واحد من الصحابة قوله صلى الله عليه وسلم (لن يبرح هذا الدين قائماً تقاتل عليه عصابة من المؤمنين حتى تقوم الساعة) فجعل أظهر صفةٍ لهم المقاتلة في سبيله، تلك الصفة التي أولتهم محبة الله لهم (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيانٌ مرصوص) فهنيئاً لك أخي هذه النصوص التي تؤنس غربتك؛حينما يستأنس البطَّالون بنصوص الطواغيت المظلمة التي تعدهم الفقر وتأمرهم بالفحشاء.