عرف الإنسان منذ فجر التاريخ الأعشاب الطبية وفوائدها العلاجية المختلفة، فقد برع الصينيون والمصريون القدماء في علم التداوي بالأعشاب؛ حيث استخدموا العديد من هذه الأعشاب في علاج الكثير من الأمراض بالإضافة إلى استخدامها في التحنيط، وكذلك في أمور الزينة والتجميل، مثل نبات البلادونا (ست الحسن) الذي استخدمته النساء بكثرة لتوسيع حدقة العين.
وفي العصور الإسلامية انتشر علم التداوي بالأعشاب، وظهرت الكثير من الكتب والمخطوطات التي تشرح بصورة واضحة أنواع الأعشاب الطبية المختلفة وطرق استخدامها وأنواع الأمراض المختلفة التي تستخدم فيها مثل هذه العقاقير الطبية مثل: تذكرة داود، وكتاب الطب لابن سينا، وغيرهما من العلماء الأكْفَاء الذين كانت تدرس كتبهم لعدة قرون في المعاهد العلمية الأوربية.
وبالرغم من التطور الهائل في علم الأدوية وظهور أعداد هائلة من الأدوية في شتى مجالات العلاج وخاصة خلال القرن المنعدم، فإن الحقبة الماضية شهدت عودة إلى استخدام الأعشاب الطبية في علاج الأمراض كواحدة من أهم أفرع الطب البديل، ولا يقتصر الاهتمام بالتداوي بالأعشاب على الدول المتقدمة بل تعداها إلى الكثير من بلدان العالم النامي.
وتتنوع طرق استخدام الأعشاب الطبية من استخدام منقوع أو مغلي النبات الكامل إلى استخلاص المواد الفعالة واستخدامها في صور تراكيب صيدلية مختلفة، وتعد العودة لاستخدام النباتات الطبية في العلاج هي عودة للطبيعة، خاصة وأن العقاقير التخليقية لها أعراض جانبية متعددة مقارنة بهذه الأعشاب.
ويتبقى أن نشير هنا إلى ضرورة تقنين استخدام هذه الأعشاب الطبية، خاصة وأنها تحتوي على العديد من المواد الفعالة؛ لذا فمن الأفضل استخلاص المادة الفعالة وتحضير منها التراكيب الصيدلية المختلفة، مما سوف يؤدي إلى تقليل ظهور أي أعراض جانبية بسبب استخدام جميع أجزاء النبات.
وفيما يلي بعض من هذه الأعشاب الطبية الشائعة الاستخدام.
نبدا مع اول عشبة
العرقسوس العرقسوس نبات بري معمر من الفصيلة البقولية، ويطلق على جذوره (عرقسوس) أو (أصل السوس) وهو مشهور في البلاد العربية منذ أقدم العصور.
ينبت في الأرض البرية حول حوض البحر الأبيض المتوسط.
المادة الفعالة في السوس: هي الكلتيسريتسن، وثبت أن عرق السوس يحتوي على مواد سكرية وأملاح معدنية من أهمها البوتاسيوم، والكالسيوم، والماغنسيوم، والفوسفات، ومواد صابونية تسبب الرغوة عند صب عصيره، ويحتوي كذلك على زيت طيار.
الخصائص الطبية: ـ يصنع من جذور السوس شراب (العرقسوس) وهو ملين ومدر للبول، ويسكن السعال المصحوب بفقدان الصوت (البحة الصوتية) وهو مفيد في علاج أمراض الكلى.
ـ ويستعمل مسحوقه (ملعقة صغيرة مرة واحدة يومياً) في علاج قرحة المعدة والإمساك المزمن وعسر الهضم.
ـ أثبتت أبحاث حديثة أن العرقسوس مقو ومنق للدم، ومعترف بالعرقسوس في كثير من دساتير الأدوية العالمية.
طرق الاستعمال: لعلاج الإسهال وتليين الأمعاء يسحق 40 جراماً من العرقسوس مع 40 جراماً من زهر الكبريت و40 جراماً من الشمر و60 جراماً من السنا مكي و200 جرام من سكر النبات، يمزج الجميع وتؤخذ ملعقة واحدة مساء كل يوم لتليين الأمعاء، وملعقتان صغيرتان مساء كل يوم لإسهال المعدة.
ـ جذور العرقسوس تخلط مع الجنسنغ وتغلى، وتؤخذ يومياً كشراب مقو عام وخاصة للقلب.
ـ يفضل عدم تناول العرقسوس في حالات فرط ضغط الدم؛ لأنه يسبب احتباس السوائل.