■عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما : أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ : (( بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ )) . رواه البخاري
■ وعن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: قلت لأبي: «ما لي لا أسمعُكَ تحدِّثُ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يُحدِّث فلان وفلان ؟ قال: أمَا إِنّى لم أُفَارِقهُ منذُ أسلمتُ، ولكني سمعتُهُ يقول: مَنّ كذبَ عليَّ مُتَعَمِّدا فليتبوأ مقعده من النار». رواه البخاري
■ وقال أنس بن مالك - رضي الله عنه - : «إني ليَمْنَعُني أن أحدِّثكم حديثا كثيرا : أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال : مَنّ تعمَّد عليَّ كذبِا فليتبوأ مقعده من النار» أخرجه مسلم. أي: أخشى أن يجرني كثرة الحديث إلى الكذب
■ وقال مجاهد - رحمه الله - : «جاء بشير العدويّ إلى ابن عباس -رضي الله عنه- فجعل يحدِّث ويقول: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعل ابن عباس لا يأذَن لحديثه، ولا ينظر إليه، فقال بُشير: يا ابن عباس ما لي لا أراك تسمعُ لحديثي، أُحدِّثكَ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تسمع ؟ فقال ابن عباس: إنّا كنا مرَّة إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ابتدرتْه أبصَارُنا، وأصغينا إليه بأسماعنا، فلما ركب الناسُ الصَّعْبَةَ والذَّلول لم نأخذ من الناس إلا ما نَعْرِفُ». وفي رواية : «فأمَّا إذْ ركبتم كلَّ صعبة وذَلُولِ، فهيهات» أخرجه مسلم. والمراد بالصعبة والذلول: ترك المبالاة بالأمور والاحتراز في القول والفعل. وهذا في عصر الصحابة فما بالك بهذه العصور المتأخرة.
■ وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لا تكّذِبُوا عَلَيَّ، فإنَّهُ مَن كَذَبَ عليَّ يلج النَّارَ». أخرجه البخاري ومسلم وفي رواية: «مَنْ تَقَوَّلَ عليَّ ما لم أقُلْ، فليتبؤأ مقْعدَه من النَّار» رواه البخاري تقول، تقولت على فلان: إذا قلت عنه ما لم يقله.
شبهة : قد يقول قائل: إني عندما نشرت هذه الأحاديث الضعيفة لم أكن متعمداً، فلا يلحقني إثم.
■ ويرد على هذه الشبهة محدث العصر الألباني فيقول في مقدمة السلسلة الضعيفة: (( فإنهم - أي ناشري الأحاديث الضعيفة - وإن لم يتعمدوا الكذب مباشرة، فقد ارتكبوه تبعاً؛ لنقلهم الأحاديث التي يقفون عليها جميعها، وهم يعلمون أن فيها ما هو ضعيف وما هو مكذوب قطعاً، وقد أشار إلى هذا المعنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كَفى بالمرء كَذِباً أنْ يُحَدِّثَ بكل ما سمعَ ". وقال في مقدمة تمام المنة: "فله حظ من إثم الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد أشار صلى الله عليه وسلم أن من حدث بكل ما سمعه - ومثله من كتبه - أنه واقع في الكذب عليه صلى الله عليه وسلم لا محالة، فكان بسبب ذلك أحد الكاذِبَيْن:الأول: الذي افتراه. والآخر: هذا الذي نشره !.
قال ابن حبان أيضا (1/9) : " في هذا الخبر زجر للمرء أن يحدث بكل ما سمع حتى يعلم علم اليقين صحته".
وقد صرح النووي بأن من لا يعرف ضعف الحديث لا يحل له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفا ، أو بسؤال أهل العلم إن لم يكن عارفا ". انتهى النقل عن الألباني.
■ وقال الحافظ الدار قطني في مقدمة كتاب "الضعفاء والمتروكين" : "توعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالنار من كذب عليه بعد أمره بالتبليغ عنه، ففي ذلك دليل على أنه إنما أمرَ أن يُبلَّغ عنه الصحيح دون السقيم، والحق دون الباطل، لا أن يُبلَّغ عنه جميع ما رُوي، لأنه قال -صلى الله عليه وسلم- : « كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ » أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.
فمن حدث بجميع ما سمع من الأخبار المروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يميز صحيحها وسقيمها، وحقها من باطلها؛ باء بالإثم، وخيف عليه أن يدخل في جملة الكاذبين على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بحكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه منهم في قوله : « مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَديثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبينَ» فظاهر هذا الخبر دال على أن كل من روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثاً وهو شاك فيه أصحيح أو غير صحيح يكون كأحد الكاذبين لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال:" مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَديثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ .. » ولم يقل: يستيقن أنه كذب" . اهـ