براغيث الصحافة صئبان الثقافة

براغيث الصحافة
صئبان الثقافة

عندما تتسخ الأماكن، والأجساد، تنبت الطفيليات والجراثيم والأوبئة من كل نوع.
تظهر أفواج البراغيث تقفز على كل ما هو أمامها، تلسع وتمتص الدماء وتتوالد.
تظهر أسراب الصئبان متجذرة في الشعر، وفي كل ثنية من الثياب، تنتظر أن تفقس وتتحول إلى قمل، يجدد دورة التكاثر والبقاء.
يظهر الجرب، يأكل جلود العباد، ويحول الحياة إلى جحيم يظهر"التيفيس" متنقلا كالنار من شخص لآخر، يصعق الرؤوس، ويحصد الأجساد.
عندما يتسخ الجو السياسي، تنسد الآفاق،يحدث ما يحدث للأماكن والأجساد.
تظهر الطفيلات في جميع الميادين: السياسية والاقتصادية والثقافية.
تفقد الأمة قيمها الروحية والفكرية، وتخط أخلاقها، فتنسى المعايير و تتصبب رؤاها، وتتوقف بوصلتها عن الاستجابة لأية جاذبية.
ينعدم التوازن،بين الحق والباطل،بين الخير والشر بين الصح وبن الكذب.
تصبح السلطة، غير مسؤولة أمام الشعب.
تصبح الزعامة، خطابا مستعارا، في التلفاز.
تصبح الحقائق هي ما يقرر، وليس ما هي في الواقع.
الموضوعية، هي ما يقرره النظام، وما تفرزه الطفيليات.
تصمد الشعوب، سنوات وسنوات، ثم تختلط عليها الأمور، وتفقد المناعة.
شرفاؤها ينكفئون عن الساحة المتسخة مكتقين بالتأفن، سفهاؤها،يتطاولون في كل شيئ.
في البنيان.
في كنز المال.
في نهب الخيرات.
في هدم التاريخ، والقيم، والمثل، والمعالم النيرة.
في الإفتاء في دين الله يظهر دين ولا دين
تظهر أحزاب، ولا أحزاب.
تظهر صحافة ولا صحافة.
تظهر بنوك ولا بنوك.
تجرى انتخابات ولا انتخبات.
كل شئ، كل المأمور، على مقاس الاتساخ والإنسداد والظلام المدلهم والرداءة الكثيفة.
بث ليالي عديدة أقلب أمر ما وصلت إليه حالنا، وأتساءل هل أدخل اللعبة، فأرد،على من يجدون لذة في لسعي باستمرار، بما لايرضاه إنسان لنفسه.
أقول، هؤلاء، أساسا، ليس لهم لا في الغير ولا في النفير في مجال الكتابة والثقافة.
رداءة، بنت الرداءة، حفيدة الرداءة، سليلة الرداءة.
هذا معتوه الشبه أمي، يقتحم علي المقام، ويشرع دون مقدمات،يتبجح، بأنه في طريقة على برج بوعريريج للمشاركة في ملتقى مغاربي عن الرواية.
هذا يقدم لك عملا أدبيا يزن ثلاثة أرطال أو أربعة، تفتح الصفحة الأولى فيصفعك السطر الأول بالأخطاء.
هذا محام يستمرئ ويستطيب بقاء بن بللة أربعة عشرة سنة في السجن دون محاكمة، وحجته، أنه أتى على دبابة.
آخر يعذر بومدين في سجن بن بللة كل هذه المدة لأنه جهز زنزانية بمذياع.
معتوه آخر، يتصرف كما لو أنه العقاد، في زمانه، يبدي رأيه الشخصي في كاتب لا يعجبه ولا يتفق مع آرائه، فيفرض بقرار منه هذا الرأي على الانقليز، وعلى الأمريكان وعلى الفيتناميين، واليونانين وغيرهم وغيرهم ممى ترجموه، مسفها لهم وخادشا في أذواقهم وقائلا لجامعات الدنيا التي تدرس أعماله، احرقوا رسائل الدكتور ة والماجستير ومذكرات التخرج، فإنها خاطئة، أنا أقول لكم..لاتجد منفدا، لفهم هذا "المخلوق" إلا بوضع حالته، ضمن الحالة العامة للبلاد، ضمن حالة الافتاء، بتحريم الزلابية، حلوى الشعب منذ ابتدعها الفنان زرياب.
إنها هلوسات مرض التفيس، العامة.
آخر يفجر نفسه، حاقدا على نفسه.
آخر يتصبر، خارجا من الملة.
آخر يرمي بنفسه في البحر، هاربا من الوطن
آخر يحطم كل ما حوله، ليهنأ من كل ما حوله.

الطاهر وطار

_________________
براغيث الصحافة صئبان الثقافة 14

لدينا قوة هائلة لا يتصورها إنسان ونريد أن نستخدمها في البناء فقط، فلا يستفزنا أحد!

نقاتل معا، لنعيش معا، ونموت معا!

فلسفة عظيمة ومقالة رائعة

احسنتي اختيار المقالة
واحسنتي اختيار الكاتب
بورك فيكي

» استراتيجية الثقافة والمجتمع