من المعروف ان روائح الاجساد تختلف باختلاف العروق وباختلاف الافراد ، وتحدد رائحة الجلد بشكل رئيسي من مفرزات الغدد العرقية المفترزة ـ Apocrine sweat glands وهي غدد عرقية خاصة تنضج تشريحيا ووظيفيا بعد البلوغ وتتوضع في الابطين والمناطق التناسلية ، ورغم ان مفرزات تلك الغدد عديمة الرائحة عند ظهورها الا ان تحللها بالجراثيم الموجودة بشكل طبيعي على الجلد – النبت الجرثومي flora - يحرر منها احماض دسمة ذات رائحة خاصة مميزة، كما يشف ريح الجلد عن عبق المفرزات الدهنية وتحلل القرنين ـ وهو المادة التي تشكل البنية الرئيسية للبشرة ـ وخاصة بوجود فرط التعرق . اما مفرزات الغدد العادية ـ وتسمى المفرزة Accrine ـ فهي عديمةالرائحة باستثناء الحالات التي تطرح فيها موادا مثل الثوم والادوية وبعض المأكولات عند تناولها . وتذكر الكتب الطبية القديمة ان للعرق روائح خاصة مميزة لبعض الامراض كالنقرس والسكري والتيفية حتى ان شيوخ الأطباء كانو يستخدمون انوفهم كادوات تشخيصية بعد ان يشحذوها بالتدريب والمراس .
وفي عصرنا هذا عصر الزحام والاماكن الضيقة بدأت تتفاقم مشكلة روائح الاجساد المزعجة التي قد تشتد عند البعض وخاصة عندما تتسلل من الابطين او القدمين فتنطلق لتعصف برؤوس المحيطين لترسم على وجوههم علامات الاشمئزاز مما جعل البعض يطارد هؤلائي " الظرابين" بشعارات اداب الجسد ترفقا بلانوف وحفاظا على ملامح الرضا على الوجوه.
ومن الآباط ما قتل
تنطلق المفرزات العرقية من الغدد المفترزة الموجودة في الابطين وخاصة بعد النشاط الجنسي او الجهد الفيزيائي ، ويصدف ان يكون عند البعض نبيت جرثومي كثيف غني بالجراثيم الوتدية مما يحرر الاحماض الدسمة بكمية كبيرة تلفح الفرد بهالة الرائحة الكريهة.
ومن الطبيعي ان للغسل اهمية كبيرة في التخفيف من تلك المشكلة ، وقديما قيل " خير الطيب الماء " ، ويفضل استخدام الصوابين المطهرة وتطبيق المطهرات الموضعية لقدرتها على خفض اعداد الجراثيم الموجودة في المنطقة . ومن الشائع حاليا استخدام مزيلات الروائح Deodorant بشكل ارزاز Spray وهي المواد التي يقوم شذاها بدحر الروائح المزعجة. ولعل معرفة تركيب تلك المواد توضح اهميتها فهي تشمل على مضادات الجراثيم ومواد منعشة ومعضرة اضافة لمضادت التعرق مثل كلوريد الالمنيوم التي تؤثر على قنوات الغدد العرقية نتيجة تخريبها للطبقة القرنية العلوية في البشرة ومن النادر ان تحدث تلك المركبات تأثيرا سيئا.
ومن الطريف ذكرحالة تسمى رهاب الرؤائح الكريهة Brohidrophobia اذ يصبح عند المصابين بها قناعة بان لاباطهم روائح نتنة تنفر من حولهم رغم براءة اباطهم ، ويمكن ان يكون سبب ذلك قلق او رهابات او اذيات عضوية في الجهاز العصبي المركزي او ان يكون المرضى مصابين بالبارانويا أي الشعور باضطهاد الغير لهم دون ان يكون ذلك حقيقيا
الاقدام .. قنابل بيولوجية
يعتبر فرط تعرق القدمين واستخدام الاحذاية الكتيمة والمطاطية في المناطق الحارة الوسط الملائم لزيادة نمو الجراثيم الوتدية Corynebacterum وجراثيم اخرى التي تجند نفسها للعبث في الطبقة المتقرنة لبشرة القدم المتعطنة، مطلقة روائح كريهة جدا ويطلق على هذه الحالة انحلال القرنين المنفر
Pitted Keratolysisوتتظاهر بشكل تأكلات او توهدات مسطحية عديدة على الاخمص المتعطن وقد يتلون الجلد بالبني او الاخضر.
وللوقاية ينصح بالمحافظة على نظافة القدمين بغسلهما دوريا بالصوابين والمحافظة على جفافهما وتهويتهما ، ويمكن التخلص من فرط التعرق بتطبيق كلوريد الالومينيوم او الفورمالين وتعالج الحالة بتطبيق المطهرات او المضادات الحيوية .
عن مجلة الجيل العدد 2 المجلد 21 فبراير 2000 .