دموع الاطلال
عدد الرسائل : 1445 العمر : 43 الموقع : جمعية حواء العمل/الترفيه : قانون المزاج : هادئة البلد : السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 22/12/2008
| موضوع: الشوق الي الله عز وجل الخميس أكتوبر 22, 2009 7:54 pm | |
| (الشوق الى الله)
افضل مراتب الشوق هو الشوق الى الله-سبحانه-و الى لقائه، و هي المظنة الى الوصول اليه، و الى حبه و انسه و التقرب لديه، و هو راس مال السالكين، و مفتاح ابواب السعادة للطالبين، و الوجهان الموجبان للشوق متصوران في حق الله، بل هما ثابتان و ملازمان لجميع العارفين، فلا يخلو عارف من الشوق الى الله:
اما الوجه الاول، فلان ما اتضح للعارفين من الامور الالهية و ان بلغ غاية الوضوح، فكانه من وراء ستر رقيق، فلا يكون متضحا غاية الاتضاح، بل يكون مشوبا بشوائب التخيلات المكدرة للمعلومات و المانعة عن ظهورها اليقيني، (لا) سيما اذا انضاف اليها شواغل الدنيا، فكمال الوضوح في الامور الالهية انما هو بالمشاهدة و اشراق التجلي، و لا يكون ذلك في هذا العالم، بل يكون في الآخرة، فهذا احد الموجبين لشوق العارفين الى الله -سبحانه-. و هو الشوق الى استكمال الوضوح فيما اتضح اتضاحا ما.
و اما الثاني، فلان الامور الالهية لا نهاية لها، و انما ينكشف لكل عارف بعضها، و تبقى امور غير متناهية خفية عنه، و العارف اجمالا وجودها، و كونها معلومة لله-تعالى-، و يعلم ان ما غاب من علمه من المعلومات اكثر مما حضر، فلا يزال متشوقا الى ان يحصل له من المعلومات المتعلقة بعظمة الله و جلاله و صفاته و افعاله بما لا يعرفها اصلا، لا مع الوضوح و لا مع الابهام و الاجمال، و الشوق الاول ربما انتهى في الاخرة اذا حصل الشهود و اللقاء المعنوي لاجل استخلاص النفس من موانع الطبيعة و قشوراتها و حصول التجرد التام لها، و اما الشوق الثاني فلا يمكن ان ينتهي في الدنيا و لا في الآخرة، اذ نهاية ذلك ان ينكشف للعبد في الآخرة من عظمة الله و كبريائه و جلاله و صفاته و احكامه و افعاله ما هو معلوم لله-تعالى-و هو محال، اذ معلومات الله المتعلقة بذاته و صفاته و افعاله غير متناهية قوة و شدة و عدة، فتمتنع احاطة الانسان بها، فلا يزال العبد عالما بانه قد بقى من جلال الله و عظمته و من صفته و فعله ما لم يتضح له، فلا يسكن قط شوقه، و ما من عبد الا و يرى فوق درجته درجات كثيرة لا نهاية لها، فيشتاق اليها البتة، و اذا كان اصل الوصال و اللذة حاصلا، فربما كان الشوق الى المراتب التي فوق مرتبتها شوقا لذيذا لا يظهر فيه الم، و ربما كانت لطائف الكشف و البهجة و درجاتهما متوالية الى غير النهاية، و تحصل للعبد هذه الدرجات في الآخرة على التدريج، فلا يزال العبد يتصاعد و يترقى اليها، و لا يزال النعيم و اللذة تتزايد له ابد الآباد من غير انقطاع له، و تكون لذة ما يتجدد من لطائف النعيم شاغلا له عن الاحساس بالشوق الى ما لم يحصل له المه، فان امكن في الآخرة حصول الكشف فيما لم يحصل فيه كشف فى الدنيا، لكان حصول المعارف و الابتهاجات و الانوار و تجددها في الآخرة ممكنا، و ان لم يكتسب اصلها في الدنيا فيتجدد و يتوارد على العبد في الآخرة على الدوام و الاستمرار من دون ان ينتهى الى حد. و ربما كان قوله-تعالى-:
«نورهم يسعى بين ايديهم و بايمانهم يقولون ربنا اتمم لنا نورنا» (5)
اشارة الى هذا المعنى، و يكون المراد به اتمام النور في عين ما استنار في الآخرة استنارة محتاجه الى الظهور، ثم الى زيادة الاستكمال و الاشراق، و ان اختص حصول نعم الآخرة و انوارها و ابتهاجاتها على النعم التي تزود من اصلها و لم يحصل للعبد ما لم يكتسب في الدنيا اصله من الانوار و الابتهاجات فيكون ترقي العبد في الآخرة في ازدياد الابتهاج و الاشراق فيما حصل له اصله، و على هذا، فربما انتهى الى حد و وقف هناك و لا يتضاعف، و قوله -تعالى-: «نورهم يسعى. . . الى آخر الآية» يحتمل لهذا المعنى ايضا، بان يكون المراد طلب اتمام نور تزود من الدنيا اصله. (قيل) : و قوله تعالى:
«انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا» (6) :
يدل على ان الانوار لا بد من ان يتزود اصلها في الدنيا، ثم يزداد في الآخرة اشراقا، فاما ان يتجدد نور لم يكتسب اصله في الدنيا فلا.
ثم لا يخفى ان تعيين الاصل و الفرع للانوار و الابتهاجات و مراتب الآخرة عندنا مشكل، و ليس لنا طريق الى القطع بان اي شيء اصل لاي نور و بهجة، و ربما كان المظنون عندنا: ان اصل كل نور و سعادة و بهجة هو اليقين القطعي الاجمالي بان الواجب-سبحانه-في غاية العظمة و الجلال و القدرة و الكمال، و انه تام فوق التمام، و كل ما سواه من المهيات الموجودة صادرة عنه على اشرف انحاء الصدور و اقواها و ادلها على العظمة، و انه لا موجود و لا شىء الا الواجب و صفاته و افعاله، و ان ذاته الاقدس ذات لا يمكن ان يكون لذهن من الاذهان العالية، و لا لمدرك من المدارك المتعالية عقلا كان او نفسا او غيرهما، لو امكن ان يكون مدركا، ان يدرك في لحاظ التعقل ذاتا يمكن ان تكون فوقه او مثله، بل كلما تصور اجمالا فهو فوقه، و كذا صفاته الكمالية و افعاله، و ان صفاته الكمالية: من عظمته، و جلاله، و قدرته، و جماله، و علمه، و حكمته، و غير ذلك غير متناهية، و ليس لها حد و غاية، و ما تعلق به علمه من مخلوقاته لا نهاية له كثرة و قوة و كمالا، و ان له من المراتب الغير المتناهية من العظمة و الجلال ما لا يطيق اشرف الموجودات و اقواها لادراك اولها، فمن عرف ذلك و تيقن به، و علم ان هذا العالم و ما فيه لا نسبة له الى عالم الآخرة و ما فيه، و ان الطافه و مزاياه الى عباده الذين عرفوا نسبتهم اليه، و تيقنوا بان لاشرافة و لا كمال للنفوس و العقول فوق معرفة ربهم و التقرب اليه و الوصول الى حبه و انسه، فقد وصل الى اصل كل سعادة و نور و بهجة، لا سيما اذا دفع عن نفسه ذمائم الاخلاق و اتصف بفضائلها. و قد ظهر مما ذكر: انه لا ريب في ثبوت الشوق للعباد الى الله-سبحانه-. و العجب ممن انكر حقيقة الشوق الى الله -سبحانه-لانكاره المحبة له-كما ياتى-، اذ لا يتصور الشوق الا الى محبوب، و قد عرفت ثبوته من حيث النظر و الاعتبار. و لا ريب في ثبوته -ايضا-من الآيات و الاخبار: قال الله-سبحانه-:
«فمن كان يرجو لقاء ربه. . . » الى آخر آية (7)
فان الرجاء لا ينفك عن الشوق. و قال رسول الله (ص) في دعائه:
«اللهم انى اسالك الرضاء بعد القضاء، و برد العيش بعد الموت، و لذة النظر الى وجهك الكريم، و شوقا الى لقائك» . و في بعض الكتب السماوية:
«طال شوق الابرار الى لقائى. و انا الى لقائهم لاشد شوقا» . و في اخبار داود (ع) : «انى خلقت قلوب المشتاقين من نورى، و نعمتها بجلالى» .
و فيها ايضا: «انه تعالى اوحى الى داود: يا داود! الى كم تذكر الجنة و لا تسالني الشوق الى؟ قال: يا رب! من المشتاقون اليك؟ قال: ان المشتاقين الي الذين صفيتهم من كل كدر، و نبهتهم بالحذر، و خرقت من قلوبهم الى خرقا ينظرون الى، و انى لاحمل قلوبهم بيدى فاضعها على سمائى، ثم ادعو بملائكتي، فاذا اجتمعوا سجدوني، فاقول: انى لم اجمعكم لتسجدونى، و لكن دعوتكم لا عرض عليكم قلوب المشتاقين الى، و اباهى بهم اياكم، فان قلوبهم لتضىء في سمائى لملائكتى كما تضىء الشمس لاهل الارض، يا داود!
انى خلقت قلوب المشتاقين من رضوانى، و نعمتها بنور وجهى، فاتخذتهم لنفسى محدثين، و جعلت ابدانهم موضع نظرى الى الارض، و قطعت من قلوبهم طريقا ينظرون به الى، يزدادون في كل يوم شوقا» .
و اوحى الله اليه ايضا: «يا داود! لو يعلم المدبرون عنى كيف انتظارى لهم و رفقي بهم و شوقي الى ترك معاصيهم، لماتوا شوقا الى، و تقطعت اوصالهم عن محبتى» .
و في بعض الاخبار القدسية: «ان لى عبادا يحبوننى و احبهم، و يشتاقون الى و اشتاق اليهم، و يذكرونني و اذكرهم، و اول ما اعطيتهم ان اقذف من نورى في قلوبهم، فيخبرون عني كما اخبر عنهم، و لو كانت السماوات و الارض و ما فيهما في موازينهم لاستعد بها لهم، و اقبل بوجهى عليهم، لا يعلم احد ما اريد ان اعطيه»
و قال الصادق (ع) : «المشتاق لا يشتهى طعاما، و لا يلتذ شرابا، و لا يستطيب رقادا، و لا يانس حميما، و لا ياوى دارا، و لا يسكن عمرانا، و لا يلبس ثيابا، و لا يقر قرارا، و يعبد الله ليلا و نهارا، و راجيا بان يصل الى ما يشتاق اليه، و يناجيه بلسان الشوق معبرا عما في سريرته، كما اخبر الله-تعالى-عن موسى بن عمران في ميعاد ربه بقوله: (و عجلت اليك رب لترضى) ، و فسر النبي (ص) عن حاله: (انه ما اكل و لا شرب و لا نام، و لا اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه و مجيئه اربعين يوما شوقا الى ربه) ، فاذا دخلت ميدان الشوق، فكبر على نفسك و مرادك من الدنيا، و ودع جميع المالوفات، و اصرفه عن سوى مشوقك، و لب بين حياتك و موتك: لبيك اللهم لبيك! اعظم الله اجرك، و مثل المشتاق مثل الغريق، ليس له همة الا خلاصه، و قد نسى كل شىء دونه» (
و ما ورد في الادعية المعصومية من طلب الشوق اكثر من ان يحصى، و الظواهر الآتية المثبتة للمحبة و الانس تثبت الشوق ايضا.
و اما (الكراهة و البغض و ضدهما-اعنى الحب-) فنقول: قد عرفت ان الكراهة و البغض عبارة عن نفرة الطبع عن المؤلم المتعب، و الحب الذى هو ضدهما عبارة عن ميل الطبع الى الملائم الملذ.
و توضيح ذلك: انه لا يتصور حب الا بعد معرفة و ادراك، و كذلك لا يتصف بالحب جماد و لا يحب الانسان ما لا يعرفه و لم يدركه، فالحب من خاصية الحي الدراك، بعد حصول الادراك بالفعل.
ثم لما كانت المدركات منقسمة الى ما يوافق طبع المدارك و يلذه، و الى ما يخالفه و يؤلمه، و الى ما لا يؤثر فيه بالذاذ و ايلام، فالقسم الاول يكون مرغوبا عند المدرك، و يسمى رغبة، و ميله اليه حبا، و القسم الثاني يكون منفورا عنده، و تسمى نفرته عنه كراهة و بغضا، و الثالث لا يوصف بميل و كراهة، فلا يوصف بكونه محبوبا، و لا مكروها. ثم اللذة لما كانت عبارة عن ادراك الملائم اللذ و نيله، فالحب الذى هو الميل و الرغبة اليه لا يخلو عن لذة محققة او خيالية، و على هذا فيمكن ان تعرف المحبة بانها ابتهاج النفس بادراك الملائم و نيله، هذا فانك قد عرفت ان المدارك ان كان مما يستحسن حبه شرعا و عقلا، كان كراهته و بغضه من الرذائل و حبه من الفضائل، و ان كان مما يذم حبه، كان بالعكس من ذلك.
****************************
أسأل الله العلي الحكيم رب العرش العظيم أن يجعلنا من المشتاقين إليه و يقذف في قلوبنا حبه ..........آآآآآآآميييييييين
أعجبني الموضوع فلم أبخل علي منتدانا والاستفادة به من قبل إخوتي وأخواتي
أختكم دموع الاطلال[center] | |
|
زهرة القلوب
عدد الرسائل : 384 الموقع : الجنة تحت اقدام الأمهات العمل/الترفيه : مهندسة البلد : السٌّمعَة : 3 تاريخ التسجيل : 29/10/2008
| موضوع: رد: الشوق الي الله عز وجل الخميس أكتوبر 22, 2009 10:22 pm | |
| اللهم آمين اختي دموع الاطلال
اللهم اجمعنا على حبه وفي حبه وقرب الينا كا عمل صالح واجعلنا من عبادك المخلصين شكرا لكي | |
|
دموع الاطلال
عدد الرسائل : 1445 العمر : 43 الموقع : جمعية حواء العمل/الترفيه : قانون المزاج : هادئة البلد : السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 22/12/2008
| موضوع: رد: الشوق الي الله عز وجل الخميس أكتوبر 22, 2009 11:01 pm | |
| شكرا وحبيبتي الغالية زهرة القلوب مشكورة علي ردودك التي تنورني دائما وتتحف صفحتي بارك الله فيكي جزاك الله خيراااا تقبلي مروري المتواضع والكريم
[img]http: دموع الاطلال | |
|
أحمد باي
عدد الرسائل : 634 البلد : السٌّمعَة : 6 تاريخ التسجيل : 14/09/2009
| موضوع: رد: الشوق الي الله عز وجل الجمعة أكتوبر 23, 2009 1:27 am | |
| تميز رائع في مواضيعك بورك فيك دموع الاطلال _________________ | |
|
دموع الاطلال
عدد الرسائل : 1445 العمر : 43 الموقع : جمعية حواء العمل/الترفيه : قانون المزاج : هادئة البلد : السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 22/12/2008
| موضوع: رد: الشوق الي الله عز وجل الجمعة أكتوبر 23, 2009 5:03 pm | |
| مشكور أخي علي ردودك وعلي تشجيعاتكم ودفعي للتميز بارك الله فيك أخي أحمد باااااااااي
دموع الاطلال[center] | |
|
سامية حواء Admin
عدد الرسائل : 2344 العمل/الترفيه : رئيسة جمعية حواء الغد المزاج : من الحامدين الشاكرين البلد : السٌّمعَة : 23 تاريخ التسجيل : 26/09/2008
| موضوع: رد: الشوق الي الله عز وجل الخميس ديسمبر 10, 2009 5:27 pm | |
| _________________ لدينا قوة هائلة لا يتصورها إنسان ونريد أن نستخدمها في البناء فقط، فلا يستفزنا أحد!
نقاتل معا، لنعيش معا، ونموت معا!
| |
|